الفصل الثامن
مناسبات الفرح لدى الأيزيدية
ليس فقط البساطة ماتميز الأيزيدية في حياتهم العامة وطقوسهم بشكل خاص، أنما نستطيع أن نلمس محبتهم للفرح وتطويع تراثهم وفولكلورهم الشعبي وطقوسهم الدينية المتميزة بالبساطة وتحويل مناسباتهم وأعيادهم الى أوقات سعيدة ومبهجة يستغلون فيها كل الوقت في الفرح والمرح وأوقات مناسبة للتجمع واللقاء وفرصة لتصافي القلوب واشاعة الفرحة والتعبير عن ذلك بالرقص في الدبكات الكبيرة منها أو الصغيرة، وفي اصوات المزمار والزرناية والطبل التي تصاحب رقصاتهم بسبب افتقادهم للفرح بشكله الطبيعي، وبسبب كثرة الفجائع والمصائب والنوائب التي نزلت وألمت بهم طيلة تاريخهم بسبب مالقيه الأيزيدية من مذابح وملاحقات ومطاردات وأستباحة بسبب ألتزامهم بديانتهم وأصرارهم على التمسك بها.
والأيزيدية حالها حال بقية الأديان تقوم بخلط الأساطير والتراث بالدين للتمسك بأعياد تحتفل بها الناس بالأضافة الى المناسبات الدينية التي تجعل الأنسان أكثر أنشداداً بالقيم الروحية التي تطرحها الديانات ليكون الإنسان من خلالها أكثر ترقباً وأنتظاراً وتبجيلاً لهذه المناسبات، خاصة أذا عرفنا أن الدين هو عبارة عن مشاعر عميقة دفينة ضمن دعوات أصلاحية في عقل المرء يشعر معها الأنسان أنه مقيد بقيم خيرة تدعوه للسلوك السوي وتدعوة لقيم نبيلة تصب في مصلحة البشر، والأيمان بالقدرة الخارقة للأله نور الأنوار وخالق الكائنات الحية وبوحدانيته وتفرده في كونه الأله الواحد الأحد في الوجود وأنه خالق البشر الملزمين بالخضوع لمشيئته، وفي لحظات الصلاة والخشوع لله نجد أن الآنسان يعيش أيضاً لحظات سعادة وفرح حين يتجسد له وقوفه أمام الله، ليصلي أو يدعو أو يرتل أو يستغفر ويشعر بلحظات بمنتهى الصفاء الروحي .
البعض من هذه المناسبات ماينسجم مع أساطير وأعياد قديمة في بلاد الرافدين منسجماً معها ويستمد جذوره منها وبقي الأيزيدي متمسكاً بها بالرغم من عدم علاقة الدين الأيزيدي بها الا انها بقيت كجزء مهم من تراث وطقوس الايزيدية عموما، والبعض منها مايتعلق بديانتهم وتراثهم والبعض منها ما يتعلق بأعرافهم الاجتماعية الخاصة بمجتمعهم حيث حرصوا على أستمرارها وتطويرها وجعلها متلائمة ومنسجمة مع الزمن، وليس اكثر دلالة على أن الأيزيدي يستقبل يومه بفرح غامر مع طلوع الشمس التي يتبرك بها ويصلي لله على ديمومة نورها وحرارتها ودفئها له وللطبيعة، فالشمس تعني عندهم شيء مقدس يستمد قدسيته من القدرة الالهية في ديمومتها وعطائها للطبيعة والبشرية والوجود بشكل عام، ومن تحكم الله بهذه القدرة الخارقة التي لايدركها العقل البشري، فهم يقدسون الشمس بأعتبارها جزء من القدرات الخارقة التي منحها الله للأنسان والطبيعة ومن الخطأ أن يتصور البعض أن الأيزيدية تعبد الشمس، وليس أكثر تعبيراً من أجتماعهم لأداء الرقصات الشعبية التي تصاحبها الأغاني الشجية المنسجمة مع نقر الدفوف والمزمار، وليس أكثر من فرح الأيزيدي في مواسم الحصاد والخير والعطاء، حين تتجمع العوائل تحصد مازرعته وتتلمس جهدها وتعبها طوال العام باذلة جهداً انسانياً في جمع المحصول وترتيبه ونقله، ومع هذا الجهد تجد من يحاول أن ينفس عن تعبه الأنساني بتعب آخر ولكن من نوع أجمل، يأخذ مظهر الفرح هذا قفزات وحركات جسدية تعبيرية، يتلخص في دبكات صغيرة وتجمعات أنسانية بسيطة تتخللها الأغاني والرقصات أبتهاجاً بالخير وبما جاء من طعام للبسطاء من الناس يعينهم ويضمن لهم حياتهم بقية أيام السنة وعلى الأقل حتى الموسم القادم، حيث يعتقد أغلب الأيزيدية أن الله جل وعلى لن يتخلى عنهم وهو الذي يمنحهم العطاء وهو الذي يحميهم من الأعداء.
المجتمع الأيزيدي عموماً ميال الى أقتناص لحظات الفرح الأنساني، ربما بسبب تعطشه لمثل تلك اللحظات التي أفتقدها في تاريخه المليء بالوجع والفجائع، وربما بسبب ميله الفطري الى الخير والمحبة والتسامح، وربما بسبب العواطف البسيطة التي تتصف بها الشخصية الأيزيدية أو حتى بسبب أبتهاجهم بالفصول المفرحة من الطبيعة حين تنسجم هذه الطقوس والتقاليد مع فصل الربيع والصيف والشتاء والخريف، فهم لايتركون فصلاً من فصول السنة دون أن يكون لهم فيه أعياد ومناسبات.
ويحرص الأيزيدي على الفرح والتعبيرعن البهجة لمدة ثلاثة أيام في مناسبات الزواج على سبيل المثال لاالحصر، حيث تكون دبكات الرقص مختلطة يشترك بها الرجال مع النساء، وهي وسيلة حضارية للتعارف بين الرجل والمرأة في مجتمع ريفي وعشائري تحكمه القيم والأعراف والتقاليد الصارمة، يصاحب هذه الأفراح اعداد ولائم الطعام والشراب، والأكثار من العطاء والأحسان للفقراء والمحتاجين، وأستغلال هذه المناسبات في المصالحة بين الناس والاعتذار وتصافي القلوب.
كما تقيم عائلة العريس حفلاً يحضره الأهل والأقارب تقدم فيه انواع الطعام والشراب، وغالباً ما يغدق الأيزيدي ويبالغ في الأنفاق على مظاهر الحفل الذي تقدم فيه وصلات غنائية ورقصات تعبيراً عن الأبتهاج والمشاركة بالفرح في أرتباط العريس بزوجته كنوع من أنواع الإشهار التي دأب المجتمع الأيزيدي على الالتزام بها.
ولهذا فأنت تجد أن مناسبات الفرح عند الأيزيدية منها مايرتبط بالمناسبات الدينية، ومنها مايرتبط بالطبيعة أو التراث والأعراف والتقاليد التي يفرضها المجتمع، والتي بقيت يتوارثها الأبناء ويحرص عليها الآباء.
فعيد زيارة القبور وهو من الأعياد الأجتماعية أكثر منها الدينية، وجميع الديانات يقوم أتباعها بزيارة قبور موتاهم، ويكون عند الأيزيدية في اليوم العاشر من شهر كانون الأول الشرقي، ويقوم الأيزيدية بتوزيع بعض الأطعمة البسيطة على الفقراء في المقابر ثواباً للموتى، كما يتم قراءة الأدعية والأذكار للترحم على رحيل أهلهم وأحبتهم.
كما يكون اليوم المذكور مناسبة لتجمع النساء والعوائل في مقبرة القرية أو المدينة وتبادل أطراف الحديث في شؤون الحياة، بالأضافة الى مصدر رزق لرجال الدين ممن يحرصون على التواجد في ذلك المكان للمشاركة في قراءة الأدعية وتذكر محاسن الموتى مقابل عطايا غير محددة من أهل الميت.
والطوافات التي يقوم بها الأيزيديــة في المزارات الدينية مفردها ( طوافة )، يمارسون فيها بهجتهم وفرحهم بالأضافة الى أيفائهم بطقس الزيارة لقبر الولي أو الرمز الذي يقيمونه ويمارسون طقسهم حوله أو قريباً منه، وتعني الطواف حول المرقد، ويقول ابن منظور في لسان العرب بالصفحة 3522 : طاف بالشيء يطوف طوفاً وطوفاناً، وطاف بالبيت وأطاف عليه دار حوله.
وطاف به الخيال طوفاً ألم به في النوم، وأستطاف فلان بالأمر أذا أحاط به.
وطاف بالقوم وعليهم طوفاً وطوفاناً ومطافاً وأطاف : أستدار وجاء من نواحية، وأطاف فلان بالأمر أذا أحاط به.
ويأتي طقس زيارة السنــجق للقرى الأيزيدية في الشهر المقدس ( نيسان ) المقدس لدى الأيزيدية، ولهذا فأن السنة تبدأ عند الأيزيدية منذ أول يوم أربعاء من أول أسبوع من شهر نيسان حيث يكون اليوم المذكور بداية للسنة الأيزيدية، وعيداً يسمى عيد راس السنة ويدعونه ( سر صالي )، أو في شهري أيلول وتشرين الثاني، مثالاً للفرح حين تجد الأيزيدية على بساطتهم يساهمون بأستقبال الرمز الديني ( طاووس ملك ) يصاحبه نقر بالدفوف ونغمات المزمار وأناشيد القوالين المصاحبين لقدومه، حيث يتم جمع الصدقات والنذور لرجال الدين، وتقام الولائم والسرادق للتبرك وزيارة هذا الرمز وغالباً ما تلجأ أغلب الأديان والمذاهب الى أعتماد الرمزية في العديد من طقوسها وأعرافها وتقاليدها، وتعم البهجة والفرح في قلوب أهل القرية والمكان الذي وصله السنجق وحين يحل ضيفاً على أحد البيوت وغالباً مايكون من بين المتمكنين مادياً تنتشر البهجة والسرور ليس فقط في قلوب أهل البيت والقرية وأنما تعم ذلك لتشمل القرى المجاورة التي يتقاطر أفرادها على شكل مجموعات للزيارة والتبرك والتبرع بالمال.
وعيد راس السنة ( سر صالي ) والذي يصادف في يوم الأربعاء الأول من شهر نيسان الشرقي، يرمز الى قمة العطاء والخير في هذا الفصل الجميل، حيث يشكل علامة من علامات العطاء الالهي للأنسان من خلال تفاعل الطبيعة، حيث تؤرق الأشجار المثمرة وتذوب الثلوج وتتكاثر المواشي وتنتشر الورود البرية في الحقول ويعتدل المناخ والطبيعة وتترطب الأرض المزروعة بالطل والندى وأمطار السماء الخفيفة وتكتسي الأرض بحلتها الخضراء التي تبهر النظر وتسر العقل، وتمتلأ مزارع الأيزيدية بورود شقائق النعمان المتميزة بحمرتها الخلابة ورقة اوراقها.
يحرص الايزيدي على جلب بعض من شقائق النعمان او ورود واعشاب اخرى انتجتها الطبيعة ليضعها في مقدمه باب بيته مساء يوم العيد تعبيرا عن فرحه واعتزازه بقدوم هذا الفصل المقدس ومقدم السنة الايزيدية، وغالباً مايتم تلوين البيض بألوان زاهية ورسم النقوش الملونة والبسيطة التي تقوم بها النساء و التي تثير الأطفال الذين يلعبون بهذا البيض الملون العاباً شعبية هي جزء من الفولكلور الشعبي الأيزيدي، كما تقوم النسوة بوضع قشوره مع الورود في مقدمة البيت للتبرك به كنوع من انواع الخير الألهي للأنسان الذي تمنحه الطبيعة في هذا الشهر الجميل.
ويذكر الباحث السيد خليل جندي في كتابه ( نحو معرفة حقيقة الديانة الأيزيدية ) في الصفحة 96 أن عيد راس السنة يدعى بالاضافة الى سه ر سال، يسمى ايضاً عيد طاووس ملك، وعيد ملك الزين، وعيد الأربعاء الاحمر ( جارشه مبوا صور ).
وفي أول يوم العيد يتوجه الأيزيدية لزيارة قبور موتاهم والترحم عليهم والتصدق بما يستطيعونه ثواباً للموتى، كما يتم توزيع الطعام على الفقراء، وفي هذا العيد تبدا الطوافة في اليوم الثاني، ولايترك رجال الدين هذه المناسبة دون أستغلالها سواء في الأرشادات والمواعظ الدينية، أو في جمع النذور والتبرعات التي تجود بها أيادي الأيزيدية.
ويلاحظ أن عيد رأس السنة من الأعياد القديمة التي كانت للبابليين والآشوريين مثله من الأعياد، وليس مصادفة أن يكون عيد رأس السنة في الأول من شهر نيسان الشرقي ( والذي يتأخر 13 يوم عن نيسان الميلادي )، أذ أن اغلب الأديان والمذاهب تحتفل بهذا الشهر كتعبير عن علاقة الارض بالطبيعة وأظهار مظاهر البعهجة والفرح والأمتنان لهذا الشهر المقدس الممتليء بالخير والباب الذي تفتح بأتجاه شهر الصيف وخلاص الأنسان من البرد والثلوج والأمطار وانكماش الأشجار والطبيعة وسباتها في الشتاء.
وغالباً مايترقب الأيزيدي أيام فرحه القليلة مقابل أيام محنته الطويلة وأحزانه وأحساسه بالظلم العميق في النفس ليستطيع أن يبث مواجعه الروحية ومكامن نفسه التواقة للأنطلاق والجنوح بأتجاه المحبة والفرح والسعادة والسرور، فالمجتمع الأيزيدي بالرغم من أنغلاقه وتحمله المصائب والمحن والأحزان ميال للوئام والتعايش السلمي مع بقية الأديان ضمن المجتمع وحتى مع القوميات الأخرى.
ويدخر الأيزيدي كل مالدية من قوة الفرح الى عيده الكبير المسمى ( عيد الجماعية ) وهو من اكبر أعياد الأيزيدية، ولهذا تجد أن في كل قرية ومنطقة يسكنها الأيزيدية تقام الأحتفالات ومظاهر الفرح والمسرة ورقصات الدبكة المختلطة وزيارة الأماكن المقدسة والرموز الدينية في مناطقهم وقرآهم.
وفي هذا العيد يتجمع الأيزيديون في منطقة لالش حيث المكان المقدس وقبر الشيخ عدي بن مسافر مجدد هذه الديانة ورمزها الكبير حيث تصله الجموع وهم حفاة تقديساً ومهابة لضريحه وأسمه المبجل، وتقدم فيه العشائر الايزيدية رقصات طقسية طيلة ايامه السبعة المليئة بالافعال والاحداث وطبخ الطعام وتقديمة، حيث يجري طبخ ثور كل عام يتم نقله الى مزار الشيخ شمس بعد ان يتم ذبحه وتقديمه طعاماً للأهالي القادمين يتناولوا منه ( نذوراً ) لهم وتبركاً بالسماط المقدم على شرف العيد الكبير.
ويذكر بعض الكتاب أن الأيزيدية تقدم الثور قرباناً للشمس، الا أن الحقيقة أن الأيزيدية تعتقد أن الشمس عنصر مقدس وأنها جزء من الذات الألهية، ولهذا يسجد لها الأيزيدي عند شروقها كل صباح وعند غروبها كل مساء، غير أن هذا السجود لايعني أطلاقاً أنهم يعبدون الشمس، حيث أن دعائهم وترتيلهم في الصلاة بما يؤكد تقربهم الى الله الواحد الأزل.
(( آمين، آمين
تبارك الدين
الله أحسن الخالقين.... ))
وليس من عادة الأيزيدية أن يقدموا القرابين، وعملية ذبح الثور تتم مرة واحدة في العام ضمن الطقوس المقامة في لالش ضمن تقليد توارثته الأيزيدية منذ الأزمـــــان الغابرة، وقد أشار الى هذه الملاحظة الكاتب صديــق الدملوجي في كتابه المشار اليه ( الأيزيدية ) بالصفحة 194.
ويقضي الأيزيدي وقته مابين زيارة الأماكن المقدسة في وادي لالش والتبرك بماء العين البيضاء، ومابين النزهة في الوادي الجميل الذي أضفت عليه طبيعة المنطقة شيئاً من السحر والجمال، وكما يتم تبادل الزيارات واللقاءات العائلية في المنطقة التي تتجمع فيها الأيزيدية من كل حدب وصوب فتصير فرصة للتعارف ولقاء الأقارب والأصدقاء، حيث الأمان والصفاء في هذا المكان الذي يحكمه العفاف والصدق والصفاء وتجنب كل الأفعال المشينة أو التي تمس الطهارة وتدنيس الأخلاق، فيحرص الأيزيدي على تقديس طهارة هذا المكان المقدس والعيد الديني المقدس ايضاً بشكل صارم بالأضافة الى نزوع نفسي نحو تقديس المكان مزروعة في أعماق نفس الأيزيدي تتجسد عملياً في أحترامه للمكان الذي يبجله ويعتبره الأيزيدي من أقدس أمكنة الأرض.
ويواجه المعبد المقدس باحة مرصوفة بحجر وعلى الجدران الخارجية للمعبد ثمة نقوش وأشارات وكتابات بدأت تتآكل وتنطمس بفعل الطبيعة دون أن يتم المحافظة عليها، وفي باب المعبد نقش في الحجر لصورة أفعى سوداء اللون يعتقد الأيزيدية ببركتها مع وجــــود عبارات مكتوبة بالعربية (( أيا شمس علي بك ويافارس كونا نصيبي الحسن وحظ الحسين في هذه الدنيا والآخرة ))، وفوق باب المعبد الرئيس في أعلى الكتابات المنقوشة يوجد سهم على شكل مثلث كبير رأسه الى الأعلى يشير الى أتجاه الشمس، ومثل هذا المثلث موجود في أسوار المراقد التي يزورها الأيزيدية للأولياء والمشايخ، وقد لاحظت ذلك عند ضريح محمد رشان في بعشيقة، ومن باب المعبد الرئيس المؤدي الى ممر صغير الى منطقة فناء معتمة ورطبة من أثر وجود عين للماء مع حوض لهذا الماء والى جانب هذا يوجد شباك يفصل ساحة المعبد عن قبر الشيخ عدي ويتضمن المعبد وجود غرف عيديدة لسكن البابا جاويش والنساء المكلفات بالخدمة وبقية العاملين في المعبد كل على حدة، مع وجود مكان مخصص للصلاة
وفي اليوم الأخير من هذا العيد يتم اخراج ( البر شباكي ) وهو موروث أيزيدي يحرص الأيزيدية على القيام به كل عام، ويزعم شيوخهم الكبار أن هذا التخت كان يجلس عليه الشيخ عدي بن مسافر، وهذا التخت عبارة عن مربع متكون من حلقات دائرية تصل الى واحد وثمانون حلقة مرتبطة بعضها بالبعض الاخر يتم حمل هذا الرمز من داخل مزار الشيخ عدي بن مسافر الى منطقة قريبة ينبع فيها عين من الماء يتم تعميده فيها ويعاد الى مكانه مرة كل عام، وهو لايعدو كونه الا جزء من الموروث الشعبي ورمز يحرص الأيزيدية على المحافظة عليه.
ومن الاعياد التي عرفها الأيزيدية عيد خدر الياس الذي يصادف في اول خميس من شهر شباط ويكون بعد صيام ثلاثة أيام، وفي هذا العيد يحرم ذبح الحيوانات، كما يكره السفر بين القرى والمدن، ودأبت العوائل الايزيدية على تقديم أطعمة خاصة يتم عملها من الحبوب وغالباً ماتكون من الحنطة التي تمت زراعتها من قبلهم والمتوفرة في بيوتهم بعد ان قاموا بتصنيفها وتوزيعها في مخازنهم البيتية البسيطة والبدائية، كما يتم الأجتماع وعمل حلقات الدبكة التي يصاحبها الأناشيد الدينية والمزمار والطبل.
ويبدو ان هذا العيد من الاعياد المشتركة اذ تتشابه مع عيد خضر الياس عند المسلمين والمسيحيين في معالم هذا العيد الذي من ضمن معانيه نهاية موسم الشتاء وأقبال الربيع، ويطلق عليه المسلمين في بعض المناطق بعيد الدخول أي بدخول الربيع وأنتهاء فصل الشتاء.
وهناك من يقول ان اسم خدر الياس من اسماء طاووس ملك، وتشير كلمة خدر الى خضر حيث يلفظها الأيزيدي خدر، فأنها تشير نسبة الى الاله تموز البابلي حسب الأساطير الأيزيدية القديمة وهو نفسه الخضر الموجود في الموروث الشعبي لدى العديد من الشعوب والأديان، ومن الموروث الشعبي لدى بعض المسلمين في العراق عن الخضر أنهم يوقدون الشموع في النهر الجاري أو يعمدون ألى رمي الحنطة أو الشعير في النهر لأطعام فرسه حيث يعتقد العامة أن الخضر يظهر من بين صفحة الماء الجاري.
وهناك اعياد كثيرة منها عيد البيلندة وهو يشبه طقوس المجوس في أشعالهم النيران والدوران حولها بالاضافة الى تقديم الاكلات الخاصة والمتميزة بهذا العيد، وكذلك عيد الاموات وعيد رمضان.
وكثيراً ما يتم اشتغلال هذه المناسبات الأجتماعية والدينية من قبل رجال الدين فيستغلون أندفاع الأنسان الأيزيدي نحو الفرح للحصول على التبرعات والصدقات والحث على أعمال الخير والمساعدة.
أهتمام الأنسان الأيزيدي بأقتناص لحظات الفرح والأهتمام بها أكثر من أهتمامه بطقوس الحزن التي لاتلبث أن تغادر عقله البسيط. ولكون الأيزيدية ممتلئة بالأحزان والمواجع والفواجع، ولكون الأيزيدية لم تشبع من فرحها وطقوسها الملونة والجميلة، لذا نجد أن مظاهر الفرح البسيط يظهر من خلال تلوين البيض والملابس الزاهية التي ترتديها الفتيات بالأضافة الى مظاهر الزينة التي تبدو على وجوه حتى الفتيات الصغيرات، والحركات اللافتة للنظر في رقصات الدبكة التي تقام في القرى والمدن الأيزيدية والتي تتأخر حتى ساعات من الليل، قبل أن تنفك مع تعب الراقصين وجهد الساهرين المستمتعين بهذه الطقوس والأعراف.
وينعكس كل ذلك في أشاعة لحظات الفرح عند أستقبال السنجق في زيارته للقرى، أذ يعمد الأيزيدي لأستقباله بفرح غامر مع الأستمتاع بنغمات المزمار التي تصاحب القدوم حتى يحل ضيفاً في المكان الذي قدم اليه.
وعلى هذا الأساس نجد أن الأيزيدي يحاول أن يقتنص ايام الفرح من بين أيام يقضيها بين العمل في الحقل أو في رعي الحيوانات بالجبال أو في معمله، بالأضافة إلى الأيام الحالكة والشديدة الوطأ حين يحتمي بالكهوف والمغارات من هجمات الحاقدين والمسلحين بالسيوف والبنادق.
وتستطيع أن تتلمس الكرم والأستعداد النفسي في تقبل الغريب وأكرامه والأحتفاء به دون وجل أو حدود خاصة أذا شعر الأيزيدي النية الصافية والخالصة للقادم، وتيقن أنه لايمس مقدساته ولايخدش كرامته وقيمه.
مصادر الكتاب
1- أحـمد تيـمور – اليزيدية ومنشأ نحلتهم – القاهرة ، المطبعة السلفية 1928.
2- إسماعـيل بك جـول – اليزيدية قديما وحديثا – المطبعة الأمريكانية بيروت 1934.
-
أوستن هـنري لايارد – عن اليزيدية – ترجمة المحامي عبد القهار سليمان الموصل .
-
أبو علي أحمد بن مسعود – مروج الذهب ومعادن الجواهر – مصر 1912
-
جورج حبيب – اليزيدية بقايا دين قديم – مطبعة المعارف ، بغداد 1978
-
سعـيد الديوه جي – اليزيدية – مؤسسة دار الكتب – جامعة الموصل 1973
-
د. سامي سعيد الأحــمد – اليزيدية أحوالهم ومعتقداتهم الجزء الأول – الجزء الثاني – مطبعة الجامعة بغداد 1971
-
السمعـــــاني – الأنساب – حيدر أباد – نقلاً عن الديوه جي
-
صديق الدملوجي – اليزيدية – مطبعة الاتحاد الموصل 1949
-
طه باقر وفؤاد سـفر – المرشد الى موطن الآثار والحضارة بغداد 1966
-
عـباس العزاوي – تاريخ اليزيدية – وأصل عقيدتهم – مطبعة بغداد 1935
-
عبد الرزاق الحسني – اليزيديون في حاضر هم وماضيهم – مكتبة اليقظة العربية بغداد 0 195 0
-
ياسين خير الله العمري – زبدة الآثار الجلية في الحوادث الأرضية – تحقيق عماد عبد السلام رؤوف – مطبعة الآداب النجف الأشرف 1974 .
-
محمد علي بن أحمد بن حزم الظاهري – الفصل في الملل والنحل – القاهرة 1320 هـ .
-
محمد بن شاكر الكتبي – فوات الوفيات – مصر 1280 هـ نقلا عن سـعيد الديوه جي
-
محمد عبد الحميد الحمد – الديانة اليزيدية بين الإسلام والمانوية – دار الأوائل – دمشق 2002 .
-
زكريا القزويني – عجائب المخلوقات وغرائب الموجودات – دار الأفاق الجديدة ، بيروت 1973 .
-
الموسوعة العربية الميسرة – دار الشعب ومؤسسة فرانكلين – القاهرة 1959
-
مجـــلة روز_مركز الأيزيديـــة خارج الوطن- العدد7- 8- 9- .
-
مجلة لالش – الصادرة في دهوك عن مركز لالش الثقافي الاجتماعي للأيزيدية
-
جريدة الزمان الصادرة بلندن .
-
جريدة قنديل – الصادرة في ألمانيا عن لجنة شباب الأيزيدية .
المقدمـــة 1 – 19
الفصل الأول
حقــيقة الأيزيــدية 20-40
الفصل الثاني
عدي بن مسافر والرموز الدينية 41 - 59
الفصل الثالث
المكان المقدس والزرادشـتية 60 - 83
الفصل الرابع
الفتاوى الديــــــــنية 84 – 95
الفصل الخامس
حقائق وخفايــا تاريخـــية 96 – 108
الفصل السادس
الكـــتب الديــنية المقدسـة 109 – 152
الفصل السابع
المرأة الأيزيدية 153-166
الفصل الثامن
مناسبات الفرح 167- 178
المصـــــــــــادر 179-181
الفهرســــــــــت 182
المؤلف
زهير كاظم عبود
الديوانيـــة / العراق
- حاصل على البكالوريوس في القانون من كلية القانون والسياسة – جامعة بغداد
3- متخرج من المعهد القضائي العراقي 1984/1985
عملت معاوناً قضائياً و محققاً عدلياً ومحاميا وقاضيا في المحاكم العراقية
عضو إتحاد الكتاب في السويد
مدرس في كلية القانون بالأكاديمية العربية المفتوحة بالدنمارك
عضو نقابة الصحفيين في كردستان العراق
العنوان :
FOSIE VAGEN 31B
21431MALMO
ZOUHER ABBOD
SWEDEN
الهاتف :
0046-0704647261
أصدر الكتب التالية:
1- لمحات عن اليزيدية – بغداد - دار النهضة 1994 ، ودار الرافد – لندن 2000
2- لمحات عن الشبك – لندن دار الرافـــد 2000
3- ليلة القبض على رئيس الجمهورية – دار المنفى – السويد 2002
4- جمهورية الغجــر – السويــــد 2003
5- البهتان في إسلام أبي سفيان – السويد 2003
6- كتابات في القضية الكردية والفيدرالية وحقوق الإنسان – دار دراسات كردستانية السويد 2004
7- مخابرات صدام واغتيال الشيخ طالب السهيل شيخ بني تميم – لندن دار الحكمة 2004
و دار إيزيس للإبداع والثقافة بالقاهرة 2006
8- لمحات عن سعيد قزاز – وزارة الثقافة – إقليم كردستان – السليمانية 2004
9- الأيزيدية.. حقائق وخفايا وأساطير – المؤسسة العربية للدراسات والنشر – بيروت 2004
10- نظرة في القضية الكردية والديمقراطية في العراق – دار دراسات كردستانية – ستوكهولم 2005
11 – النقاط المهمة في الدستور العراقي القادم – دار حمدي للنشر والطباعة – 2005
12- عدي بن مسافر مجدد الديانة الأيزيدية – المؤسسة العربية للدراسات والنشر بيروت 2005
13- طاؤوس ملك كبير الملائكة لدى الأيزيدية دار سردم 2006– المؤسسة العربية للدراسات والنشر 2007
14- محاكمة صدام – دار حمدي للنشر والطباعة في السليمانية 2005/ دار فيشونميديا السويد 2005
15- الشبك في العراق – دار سردم/ ودار إيزيس للإبداع والثقافة بالقاهرة / ودار هافبيون – برلين 2006
16 – الإرهاب في العراق – دار دراسات كردستانية 2006 / دار آراس 2007
17- التنقيب في التاريخ الأيزيدي القديم – دار سبيرز كردستان العراق – دهوك 2006
18- المسؤولية القانونية في قضية الكورد الفيليين / دار آراس – 2007
19- كتابات في الشأن العراقي 2007 / دار سبيرز – إقليم كردستان - دهوك
20- قضية الدجيل ونهاية صدام – دار آراس 2007
21- محكمة الانفال – دار آراس 2008
أصدر في العراق دراستين قانونيتين بأشراف وزارة العدل :
1- التحقيق الابتدائي وإجراءاته 1986
- اليمين في القانون العراقي
Alazidia .. Facts .. Characteristics and Myths
Zouher Kadhim Abbod
( SWEDEN )