مرحبا بكم في موقع القرية الجراحية
   
 
  المراة الايزيدية
الفصل السابع 

المرأة الأيزيدية  

 
        بسبب غياب الكتابات المنصفة عن الديانة الايزيدية والمجتمع الأيزيدي وتعرض تاريخهم للتشوية والدس، وبسبب القصور في الكتابات التي تنقل وصف المجتمع الأيزيدي بشكل متجرد ومنصف، تحدد مجال الكتابة عن الديانة وأسسها وكتبها المقدسة والطبقات الدينية ومايتعلق بها والأعراف والتقاليد والنكبات والكوارث التي تعرضوا لها، و بقي البحث في دور المرأة الأيزيدية غائباً عن التحري والبحث والتحليل والتشخيص والكتابة التاريخية وقصور في تحديد وابراز دورها المهم ضمن تداعيات تاريخ هذا المجتمع المليء بالأحداث وظلمت المرأة الأيزيدية في هذا المجال فلم يتم الألتفات اليها، ولاتم أبراز نشاطاتها الثقافية والسياسية والأجتماعية، ولم يتعرف المتابع والقاريء على أسماء نساء بارزات منهن عدا ( ميان خاتون ).

وبمناسبة التطرق لميان خاتون كمعلم من معالم النساء في التاريخ الأيزيدي ، فأن في صفحات التاريخ الأيزيدي ثمة أشارات عديدة  تستحق الدراسة والالتفات ، فالأيزيدية مجتمع بشري يحتوي ما تحتويه المجتمعات المتشابهة معه  في ظروفه الاجتماعية والمكانية والزمانية  ، وفي التزامه بالقيم والأعراف والتقاليد ،  فهو جزء من المجتمع الكوردي ، ويتعايش بتماس مع المجتمع العربي ،   وهو أشبه بالتل المطمور تحته الكثير من الأسرار والحكايات  ،  وعليه نقشت الأحداث التاريخية  التي تزامنت عوامل عديدة على بقائها مطمورة ،  ومع إن للمرأة الدور الفاعل والمهم في الحياة  الاجتماعية الأيزيدية ، إلا أن دورها الاجتماعي والديني بقي تحت السلطة الذكورية أسوة بقيم وأعراف المجتمع الذي كانت  تحكمه الأعراف القبلية وسطوة الرجال بشكل حديدي  ضمن تلك الفترة ، وعند الحديث عن شخصية مثل شخصية الأميرة ميان خاتون ، فأن هذه الآشارة  لاتشكل المكانة الايجابية  أو الانفتاح الاجتماعي لدى المجتمع الأيزيدي تجاه قضايا المرأة في ذلك الزمن  ، حيث تم تحديد دور المرأة في أدارة شؤون البيت ورعاية الأطفال والمساعدة في الزراعة والرعي ، وتفرغ الرجال للعمل والإنتاج والدفاع عن أنفسهم وعوائلهم وديانتهم من الهجمات والمجازر التي لحقت بهم ،  والتي كثيرا ما طالت المرأة نفسها ،   ولم يبرز دورا سياسيا أو دينيا لافتا للمرأة الأيزيدية ضمن تلك الظروف الحرجة التي مر بها المجتمع الأيزيدي ،  كما أن ما يتوفر لعائلة الأمارة لايتوفر لبقية عوائل المجتمع الأيزيدي  ، وبالتالي فأن الفرصة التي توفرت في  ظهور ( ميان خاتون ) ودورها المهم  في تلك الظروف ، تدلل بالتأكيد على  قوة الشخصية لتلك المرأة الحديدية التي نفذت وتقدمت الصفوف  ، بالإضافة الى تمكنها من قيادة  المجتمع الأيزيدي وفرضت تماسكه ، مع  تمسكها بإمارة الأيزيدية لصالح ولدها  الأمير سعيد  ،  ومن بعده موقفها حيث فرضت نفسها وصية على الأمير الصغير تحسين  حتى يبلغ سن الرشد ، وبالتالي صارت  محل الأمير الفعلي الذي تدين له جميع العشائر الأيزيدية بالولاء والطاعة ،  بالإضافة الى مواقف حكيمة أخرى تدلل على  سعة عقلية تلك المرأة  التي سجلت اسمها   ضمن  صفحات التاريخ الأيزيدي ، وحرصت  بالتالي أن تبقى الأمارة في بيتها حتى صارت الى حفيدها الأمير الحالي  تحسين بن سعيد بك .

وبالرغم من أن ميان خاتون لم تدخل المدرسة ولا تعلمت في المدارس ، إلا أنها اكتسبت تلك الخبرة والدراية من  داخل بيتها ، وكان لها الاعتبار الكبير  في بيت أهلها وفي بيت زوجها .

كما ساهم في تبوء هذه المرأة تلك المكانة ، الإجماع بالقبول الذي لقيته من العشائر الأيزيدية ، حيث  كانت تلك العشائر  بحاجة لأمير أو قائد  ،  يوحدها ويقودها ويقرر لها ما يحميها ويوفر لها سبل الأمان من عاديات الزمن وغدر الجيران وخناجر الظلام  ، التي كانت تريد بهم الشر في ذلك الزمن  ، فكان قبول المجتمع وزعماء العشائر بقيادة ميان خاتون من تلك الأسباب إضافة الى أسباب أخرى .

وكان لميان خاتون  الدور الكبير في أقناع ونسه ابنة  شقيقها إسماعيل للزواج من ولدها الأمير سعيد ، درءا للخلاف بين عائلة الإمارة ، وحيث أن الأميرة ونسه كانت تريد بإصرار أكمال تعليمها العالي ، فقد أقنعتها ميان خاتون  أن تتخلى عن دراستها الجامعية والزواج من الأمير سعيد بك وهو ما حصل .  

والخاتون لقب مشتق من كلمة تركية ، ويعني المرأة الشريفة الجليلة ، ويستعمل لتعظيم بعض النساء عند المخاطبة  ، وتم استعمال  وإطلاق اللقب على زوجات الخلفاء والأمراء ،  ويذكر أن الساسة العراقيين في العهد الملكي أطلقوا لقب الخاتون على المسز بيل . .

ويصف  الكاتب صديق الدملوجي ميان خاتون  في الصفحة 20 من كتابه ( اليزيدية ) بتلك الداهية الحنكاء الفطنة التي استمالت بعض من إفراد الأسرة الى جانبها ، واستعانت بهم على ترشيح حفيدها  تحسين بعد موت أبيه .

تميزت المرأة الأيزيدية في زمن ميان خاتون بلباس جميل وأنيق  كما يصفها احد الرحالة ، حيث كانت  تظهر عبارة عن شعور مجدولة  في خصلات عديدة تتدلى على الظهور مزينة بالزهور ، والجباه مغطاة بالقطع الذهبية والفضية ، وسلاسل عقود كبيرة مصنوعة من خرزات الزجاج والقطع النقدية المعدنية والأحجار المحفورة المعلقة في الأعناق ، وكانت المرأة الأيزيدية  ترتدي لباسا خاصا في البيت والعمل يحددها ويميزها عن غيرها من نساء المنطقة ، حيث يستطيع المرء أن يشخص المرأة الأيزيدية عن غيرها من النساء ،  و كانت النساء الأيزيديات يغطين رؤوسهن ، وقد التزمن بغطاء الرأس بالرغم من تغير الزمن ،  غير إنهن لايخفين أنفسهن عن الرجال ولا يتبرقعن ببراقع تحجب الوجوه ، كما إنهن يشاركن الرجال في الرقص في الساحات العامة والمناسبات الدينية والخاصة ، ولهن الحضور الفاعل في ساحات العمل الزراعي .

إن النساء لم تكن تشارك الرجال في الاجتماعات ولاتحضر مجالسهم الاجتماعية ، وهذا الأمر لايقتصر على الأيزيدية في تلك الفترة ، حيث كان المجتمع العراقي عموما والكوردي خصوصا ، تقيده الأعراف والقيم بما يظلم حقوق المرأة ويقيدها وينتقص من قيمتها ويحدد واجباتها ، ويعتبر ظهورها ومجالستها الرجال من العيوب الاجتماعية  وتحديا للعرف والتقاليد العشائرية .

ومع أن  مجتمع الأيزيدية  دخل الى ساحة التعليم والسعي نحو المعرفة العلمية  بشكل وجل وحذر  في الأربعينات من القرن المنصرم  ، إذ كانت العوائل تخشى خرق الأعراف والتقاليد التي تمنع الناس من التعليم والالتحاق بالمدارس ، مع أن هذا العرف الذي أطبق على خناق الأيزيدية وأضر بمستقبلهم كثيرا ، كان اجتماعيا وليس دينيا ،  غير أن انقلابا في نهاية الخمسينات  حدث داخل المجتمع الأيزيدي ، حيث حدثت حركة أصلاحية دفعت بالمجتمع الأيزيدي أن يترك بعض القيم والتقاليد البالية  لتدخل الأفواج من أبناء الأيزيدية الى المدارس ، فتطورت نظرة المجتمع الأيزيدي عموما ، وعلى أثر ذلك  دخلت الفتاة الأيزيدية الى المدارس وواصلت تعليمها  وساهمت في تنوير المجتمع الأيزيدي ، كما ساهمت في تعويض الحرمان من التعليم ، حيث تبوأت  المراكز العلمية وحصلت  على الشهادات الجامعية ، وواصل الجيل الجديد رجالا ونساء  تعليمه ومواكبته للتعليم ،  ولم تزل المرأة الأيزيدية تجاهد في سبيل إن تكون لها  المكانة التي تليق بها ،  ليس ضمن المجتمع الأيزيدي فحسب بل ضمن المجتمع العراقي عموما ، فصارت منهن الأكاديميات والحقوقيات والمهنيات  والكاتبات والمدافعات عن حقوق الإنسان والفاعلات في الأحزاب والمنظمات المهنية  والمراكز الثقافية . 

وإذ نتطرق الى شخصية ميان خاتون فأننا نشير الى تلك الشخصية التي مرت في التاريخ الأيزيدي وتركت أثرا مهما  في ظروف صعبة كان فيها المجتمع الأيزيدي يعاني من قضايا عديدة  ، بالإضافة الى الإشارة على قدرة النساء على القيادة والزعامة ، وذلك ما يضعف التقولات التي تريد النيل من قدرات المرأة عموما والأيزيدية خصوصا في عدم تمكن المرأة أن تلج العديد من محاور الحياة .

ولدت ميان خاتون في العام 1874 ، في بيت من بيوت الأمراء في قرية باعذرى من أعمال قضاء الشيخان  ، فهي ابنة الأمير عبدي بك ،  وقد تزوجت الأمير علي بك وهي في سن الثامنة عشر من عمرها ،  وتميزت ليس فقط بالجمال  والرشاقة ، إنما اتصفت  برجاحة العقل والفكر الصائب ، وصاحبت زوجها ( الأمير علي )  عند نفيه من قبل الحكومة العثمانية  الى سيواس ، حيث مكثا ثلاث سنوات  وعادا في العام 1898، ولم تتخل عنه بالرغم من كل المصائب والمصاعب التي صادفتها معه ، وبالرغم من كل السلبيات التي رافقت حياتها الزوجية ، إلا أنها بقيت وفيه له طيلة حياته ، وبذلت له كل ما تستطيع من اجل الوفاء لذكراه  بعد وفاته ، واشتهرت بقوة قراراتها وحزمها ورجاحة عقلها ، إلا أنها لم تكن تخلو من هنات وسلبيات ،  ومن صفاتها السلبية كما يذكر صديق الدملوجي  في كتابه ( اليزيدية الصادر في العام 1949 ) ، من أنها كانت تتصف بالعنجهية والتكبر والغرور ، وكثرة التشاؤم وعدم الثقة بأحد ، وهي بخيلة شديدة الإمساك وفيها مكر وخداع ( ص 33 ) .

وعند مقتل زوجها ( ألأمير علي )  في قرية ( خدر الياس ) القريبة  من دير مار بهنام ، كانت ليلتها ترتدي ثوبا أحمر ، كرمز للمرأة الأيزيدية التي تطالب بثأر القتيل ، وتريد الانتقام من القاتل ، ولم تنم تلك الليلة حتى ضمنت الانتقام من القاتل والبحث عنه .

وبعد مرور أربعين يوما على مقتل علي بك توفرت المعلومات التي تشير الى قيام المتهمين ( فتاح وعلي أبناء جولو الحماني  ) من قرية باعذرى  وهما من قبيلة البسميرية ، هما اللذان كانا  قد ارتكبا الجريمة بقصد القضاء على عائلة جول ، وقد تم قتلهم من قبل جولو بك وثلاثة من رجاله ، بل تم القضاء على عائلتهم بالكامل انتقاما من عملهم وارتكابهم جريمة قتل الأمير علي .

وفي صباح اليوم التالي على الاقتصاص من القتلة ارتدت ميان خاتون ثوبا أسود ، كما تلبسه الأرامل عادة تعبيرا عن الحزن ولمدة سنة  واحدة ، وتعبيرا عن رضاها وتحقيق أمنيتها في قتل قاتل زوجها وتلبية الثأر الذي كان يستعر في نفسها .

ويصفها مراسل خاص للتايمز اللندنية مثلما يذكر(  جون . س . كيست )  في كتابه الحياة بين الكرد الصفحة 403  :  ((  بأنها امرأة مبتهجة وسيمة ، وافرة الصحة ، تنتصب واقفة في الفناء العلوي الذي أسود من الدخان في القسم الخاص بالنساء ، هناك الى جانب النار المشتعلة كانت تستقبل زوارها . ))

ويبدو أن الكاتب زار الأميرة ميان خاتون في بيتها ، حيث مواقد الطبخ ، والنيران التي توقد من اجل أعداد الطعام  للضيوف والزوار ، وكانت ميان خاتون تؤدي دورا مضاعفا في هذا الجانب ، فقد كانت تلبي موجبات الأمارة عند زيارة الأغراب ، بالإضافة الى ضبطها وإصدارها ألأوامر في أمور  الاستقبال والتعامل من خلال الأهمية لتلك الوفود التي تروم زيارة لالش أو زيارة قبر الشيخ عدي  ،  أو حتى التعرف على بعض أسرار الديانة الأيزيدية ، التي كانت تتسم بانغلاق حديدي ما سبب تلك الديانة التعرض للتشويه والدس في تلك الفترة . 

بينما يذكر ( فيلد ) في كتابه عن الأزدية وشمال الجزيرة ( ص 10-11 ) : ((  بأن لها مظهر صارم ،  وكانت طويلة القامة ترتدي خمارا يشبه النوع الذي ترتديه الراهبات ، وجهها لوحده كان مكشوفا ، بينما كان رأسها مغطى بقماش أبيض دار حول وجهها وهو يسقط في ثني طويل منسدل على أكتافها وظهرها ، ثوبها الأزرق الغامق تشبث بالأرض ، من عيون باردة مخترقة أسقطت علينا نظرتها الثاقبة مشوبا بالشكوك ، وجهت إلينا عددا من الأسئلة عن العالم الخارجي ، مما أبقانا نتبادل أطراف الحديث لبعض الوقت بينما كانت ونسه والأمير جالسين بكسل وهما يراقبان المشهد . ))

وغالبا ما كانت ترتدي ثيابها البيضاء وتلف رأسها بتلك القطعة من القماش الأبيض التي تنسدل من تحت عمامتها السوداء ، لتلف حول وجهها ، وأحيانا تغطي فمها بتلك القطعة التي تنسدل على ظهرها وتغطي صدرها حيث كانت تفضل تلك الملابس ، وترتدي جاكيت طويل كالمعطف في أيام الشتاء القارص  ،  ولم تكن تتكلم غير الكردية   .

وكانت تتمعن كثيرا في وجه المتحدث معها ، وغالبا ما كانت تستمع الى محدثها حتى يكمل كلامه ، كما عرفت بأنها لاتصدر حكما أو قرارا مالم تستمع للطرف الآخر .

ويذكر الدملوجي الذي أدركها حال حياتها ، حيث كانت في مقتبل عمرها ، فيقول  أنها كانت تأخذ وتعطي وتحسن وتحرم ( تمنع )  وتحلل وتحرم  ( من الحرام والحلال ) ، ويقول إن كل ما فيها قد أدركه الهرم إلا عقلها .

وفي تموز 1944 حين توفي الأمير سعيد وفاة طبيعية في مدينة الموصل ، كانت تحضر الاجتماعات التي عقدت لاختيار خلفا له ، وكان مرشحها ولده وحفيدها الأمير تحسين البالغ من العمر الثالثة عشر ، وكانت والدته من طبقة الشيوخ ، إلا انه جذب انتباه جدته الى شخصيته وذكاءه وفطنته ، فتمكنت من إقناع المجتمعين بأن يكون هو الأمير ، وان تقوم بمهام الوصية عليه الى إن يبلغ سن الرشد ، وكان لشخصيتها دورا مهما إذ تفرض هيبتها واحترامها على أبناء قومها وعلى عائلة الأمراء ، ولم يكن يجرأ  احد على معارضتها أو مخالفة رأيها .

وغالبا ماكانت العشائر الأيزيدية تلجأ اليها في خلافاتها ، وكانت تستمع لجميع الأطراف وتصدر توصياتها التي لامجال لمناقشتها ، حيث كانت تتسم بالصرامة في هذا الجانب ، واهتمت اهتماما ملحوظا في الأماكن المقدسة ، حيث ضبطت الأموال التي ترد اليها ،  ولذا فقد كانت الإيرادات التي ترد الى الأمير كبيرة جدا وتختلف عن العديد من السنوات التي جمعت فيها القرابين والنذور وعمليات تأجير السنجق ، حيث كانت أكثر من السابق .

وارتبطت بعلاقة وثيقة مع المسزغروتورد  بيل ومع العديد من السياسيين  البريطانيين والعراقيين ، غير إن لها الفضل الكبير في تجنيب الأيزيديين  من مهالك كبيرة في تلك الفترة التي تفككت بها الدولة العثمانية ، بالنظر لاحتلال سوريا من قبل الفرنسيين ، واحتلال العراق من قبل الانكليز ، وانبثاق دولة تركيا الحديثة ، حيث أوصت بضبط النفس والاتزان في المواقف ، وعدم الميل الى احد الأطراف ومعاداة الطرف الأخر ، وبذلك ضمنت حياد موقف الأيزيدية تجاه الأحداث ، كما ضمنت تقدير القوات البريطانية وقيادتها في هذا الجانب  ، وكان لها منزلة وقيمة لدى البلاط الملكي إلا إن هذه المنزلة والقيمة لم تكن تنسحب على الشعب الأيزيدي الذي كان يعاني من الفقر والجهل والإهمال والظلم من السلطات الحاكمة ، حيث يحرص المسؤولين على أقامة العلاقات مع الأمراء وزعماء العشائر على حساب جماهير الأيزيدية الفقراء والمعدمين .

وخلال سنوات الصدع الذي أصاب الأمارة كانت ميان خاتون أحد الأسباب التي أدت الى رأب هذا الصدع وتثبيت وضع الأمارة ، وكما رتبت في تلك الظروف زيارة الحاكم البريطاني ( ليجمن ) الى لالش ، وهو الزائر الأجنبي الأول منذ سنوات طويلة الذي يزور المكان المقدس مثلما ورد في تقرير الليدي دراور في كتابها ( عبر دجلة والفرات – ص 184 ) .

وتميزت سنوات وصاية ميان خاتون بالازدهار وعدم وقوع أحداث مهمة ، وتوفيت في 31 كانون الأول من  العام 1957 ، وكانت قد بلغت من العمر 83 عاما ، حيث دفنت في مقبرة عائلة الإمارة في باعذرى ، ولم يزل أسم ميان خاتون يقترن بقدرة المرأة الأيزيدية ودورها المهم في المجتمع .

ولم تشر المصادر القديمة والحديثة الى ماينصف المرأة الأيزيدية ويدرس حالتها مثل الرجل الأيزيدي، بالرغم من المجتمع الذكوري الذي يعيشه الأيزيديون قديماً والذي بدأ يتململ ويتحرك حديثاً بأتجــاه التطور وأنصاف المرأة، وبالرغم من مظاهر التحرر والأختلاط الذي تعيشه المرأة الأيزيدية أحسن من غيرها من بقية الأقوام التي تحيط بها نوعا ما، فأن ثمة مظاهر وأعراف وقيم وتقاليد لم تزل تتحكم بها وتسيطر على حياتها وتجافي أنصافها وتغبن حقها وسط مجتمع متلبس بالظلم.  
ويشـــــــير الكاتب صديق الدملوجي صاحب كتاب ( اليزيدية 1949 - ص 287 ) أن الصحة والجمال عند المرأة الأيزيدية في منطقة الشيخان منعدمين بالمرة، بالنظر لأصابة أكثرهن بالصفرة ومرض الطحال وتأثير الملاريا عليهن والذي يذهب بجمالهن وطراوتهن كثرة اشتغالهن بالاعمال الشاقة التي لم يكن قد خلقن لها، ولاننسى ان لجودة الغذاء وحسن المعيشة لهما دخل كبير في صحة المرأة وجمالها، والمرأة الأيزيدية محرومة من كليهما لسوء حظها، واغلب النساء قصيرات القامة ضعيفات هزيلات ولهن عيون واسعة ساحرة، ويوجد من بينهن من جمعن صفات الحسن والجمال بكل معانيها من قد رشيق، وخصر نحيف، ووجه صبيح، وعيون كحلاء، وثديين بارزين، أما النساء السنجاريات فقد أضفن الى كمال صحتهن فرط الجمال والبهاء، والمرأة السنجارية لاتفقد الأنتاج الجنسي الا في سن الخمسين.  
أما الكاتب سعيد الديوه جي فلم يخصص دور من ادوار كتابه ( اليزيدية -1973 ) الى المرأة الأيزيدية، وهكذا نحى منحاهم جميع من كتب عن المجتمع والديانة الأيزيدية، فلم نجد مايفصل عن حياة ودور المرأة الأيزيدية في الأبحاث والكتب التي اطلعنا عليها.  
          وهكذا أختصر الكاتب صديق الدملوجي بحثه القيم والكبير عن الأيزيديات بهذا الوصف عن الملامح والجمال، ولم يخصص من بحثة فصلاً واحداً عن واقع المرأة الأيزيدية ودورها الديني والسياسي والأجتماعي، كما لم يتحدث عن أمرأة غير مــيان خاتون ممن أثرت في تاريخ الأيزيدية        
         يورد السيد منير بعلبكي في موسوعة المورد – المجلد العاشر – الصفحة 183 عن الأيزيدية (( انهم فرقة يجهل المؤرخون أوليتهم وأصل ديانتهم وأنهم يحرصون على العيش في عزلة شبه تامة عن الجماعات التي تحيط بهم ))، وفي هذا الأمر تغييب لحقيقتهم فأن التاريخ لم ينكر حقيقتهم وأصل ديانتهم أنما كان السبب الأساس في التغييب المتعمد لأصول هذه الديانة وأسسها التي نقلت مشوهة بقصد الأساءة اليها والى المؤمنين بها والى معتنقي هذه الديانة، كما أن الأيزيدية لايحرصون على العيش بعزلة عن جيرانهم الذين اختلطوا بهم وسكنوا مدن تجتمع فيها الديانات الأسلامية والمسيحيية والأيزيدية دون أية اشكاليات في الحياة، ويمكن أن نعتبر مدينة بحزاني وبعشيقة وسنجار من أهم المدن التي تختلط فيها الناس من الأديان الثلاثة ويمكن ان نتلمس عدم الدقة في التعريف بالأيزيدية كمثال على عدم الأنصاف، والمتصفح للكتابات العديدة التي لم تنصفهم سيجدها كثيرة لكنها تفتقر للمصداقية والنقل الواقعي.          
        وقد يتعكز البعض على الغموض والسرية في العقيدة وعدم وجود مراجع دينية يمكن الأستناد اليها في ترجمة تاريخهم وأسرارهم، الا أن هذا الأمر لايعني أنهم بقوا محافظين على هذه السرية والغموض، فقد انفتحوا على الدنيا وطرحوا أسرار عقيدتهم في الهواء الطلق مفندين المزاعم والمرويات غير الحقيقية عنهم.  
       وبالرغم من الكتابات التي كتبت عن الأيزيدية وكثرت في العصر الحديث سواء كانت بأقلام الأيزيدية انفسهم أو من غيرهم، الا ان معالجة جادة لواقع المرأة الايزيدية   لم تظهر من احد الباحثين لحد الان ، فقد جاءت جميع المعالجات التي تتحدث عن ديانتهم وتاريخهم فيما يخص الرجال والمرور مر الكرام على النساء، وقد لفتت أنتباهي الكاتبة السعودية السيدة وجيهة الحويدر الى هذه الجهة برسالة أرسلتها لي عن طريق موقع أيلاف الألكتروني ثم اعقبتها برسالة رقيقة تنم عن ثقافتها وأندفاعها للبحث والتقصي لمعرفة حقيقة واقع المرأة الأنسان في أي مكان وفي كل زمان، مما دفعني للبحث المتواضع والتقصي عن حال وأحوال المرأة في المجتمع الأيزيدي، بالرغم من المعلومات البسيطة والمتواضعة التي أوردها، وبالرغم من عدم توفر المصادر وينابيع المعرفة حول الموضوع في مهجري السويدي في الوقت الحاضر، وعلى أمل أن اجد متسعاً آخر من الوقت للتوسع في الموضوع مستقبلاً أذا مامنحنا الله العمر والقدرة لذلك.  
       ان حقائق كثيرة تم تغييبها ضمن المجتمع الأيزيدي من خلال معاناتهم الأنسانية ومايلاقونه من كراهية ومحاربة العقول والضمائر المريضة ضدهم واتهامهم شتى الأتهامات غير الحقيقية، أضافة الى مالقيه الأيزيديون من ظلم وغبن لحقوقهم الدينية والأجتماعية في العراق طيلة الفترة منذ الحكم الوطني وحتى سقوط سلطة صدام البائد في نيسان 2003، غير أن الأيزيديون مارسوا جزء من حقوقهم وطموحهم الأنساني ضمن منطقة كردستان العراق التي تحررت من سطوة صدام والتي لم تكن ضمن سيطرة سلطته منذ ولحد اليوم 1991، حيث كان الأيزيدية في المنطقة المحررة أكثر حرية وأعترافاً بالحقوق من غيرهم ممن كان يرزح تحت سلطة الدكتاتورية.  
        وتحملت المرأة الأيزيدية من الصعاب والمحن التي واجهها المجتمع والديانة الأيزيدية مايفوق الوصف، لتعرضها للقتل والسبي والتشرد ولجوئها الى المغارات والكهوف في الجبال لحماية نفسها وأطفالها، والأضطرار للعيش باساليب شبه بدائية وتحت ظل ظروف مناخية قاسية في مناطق شمال العراق، وتعرضت للنفي في المخيمات بعيدة عن مناطق سكنها في زمن البائد صدام وأرغامها على الحياة في معسكرات اعتقال تحدد حياتها وقدرتها على العطاء، بالأضافة الى محاولات السلطة الشوفينية في أرغامها على تغيير هويتها وقوميتها وأبدالها قسراً الى القومية العربية دون وجود أي دليل أو سند أو قرينة يدعم أنتسابها الى العرب.        
         كما تعرضت النسوة الأيزيديات الى ظلم فاحش في تمرير بعض الفتاوى الدينية بأسم الدين تبيح أموالهن وشرفهن وقتلهن وأعتبارهن من غنائم حرب الكفار، وواجهت النساء الأيزيديات هذه الفتاوى المدعمة بالسلاح والرجال مواجهة باسلة في التصدي والدفاع عن النفس والشرف حيث قضت الكثيرات منهن تحت هذه المزاعم التي لايدعمها دين ولاتبيحها شريعة ولاتقرها الأديان السماوية مادام الأنسان يوحد في عبادته الله الواحد الأحد الذي يسميه الأيزيدية ( خدا ) وتؤمن باليوم الآخر.      
         وشكلت المرأة الأيزيدية عنصراً مهما في بناءالمجتمع الأيزيدي والمساهمة بدور فعال في بناء وتماسك هذا المجتمع ومساندة الرجال، بالرغم من الغبن الفاحش الذي لحقها ضمن قساوة المجتمعات التي تعيشها في القرى والمدن التي يعيش بها اتباع الديانة الأيزيدية الى جانب أتباع الديانات الأخرى.          
        وأذا تابعنا الطبقات الدينية ( الروحانية ) لدى الأيزيدية المتمثلة بالامير و البابا شيخ وهو اعلى المراتب الروحية ويكون من سلالة الشيخ فخـــــــــــر الدين و البيش أمام وهو من سلالة الشيخ حسن والبير ( الشيخ المسن ) والكوجك وهم اشبه بالنساك والملتزمين بالعبادة الى ابعد حدودها البشرية والقوال المتميزين بطلاقة اللسان والتاثير في النفوس في الانشاد والعزف والفقير ثم المجيور وهو سادن الضريح المقدس، فلم نقرأ أو نعلم أن يكون من الجائز أن تكون ضمن هذه المراتب والدرجات من النساء مع وجود عدد من النساء يدعن ( فقرا ) يقمن بخدمة ضريح الشيخ عدي بن مسافر وينذرن حياتهن له ولايتزوجن.                
         غير ان من بين النساء من تتفرغ لخدمة معبد الشيخ عدي بن مسافر مع البابا جاويش، وهذه النسوة يحرم عليهن الزواج او الزينة، وهن يقمن بخدمة المعبد والبابا جاويش وأدارة شؤون الطبخ والتنظيف وتحضير الماء والمساهمة في جني الزيتون وخزنه وخزن الزيت وطبخ الحنطة واستخراج مشتقاتها وغيرها من الأعمال التي تعارفت عليها النساء في المنطقة، وكما يقمن بعمل فتائل المصابيح الزيتية التي تضيء المعبد المقدس ويشرفن على أشعاله وأطفاءه، ويمكن أعتبار النسوة المتفرغات لهذا العمل من الزاهدات والمتصوفات ممن تركن خدمة الدنيا وهن أشبه مايكون للراهبات في الأديرة المسيحية.  
والمتمعن في أسماء أعضاء ورئيس المجالس الروحانية للديانة الأيزيدية لن يجد أسم امرأة واحدة بينهم على مر الزمن، بالأضافة الى مهمة القوالين في الأنشاد في الأحزان والأفراح وتحمل مسؤولية التثقيف الديني فأن هذا العمل المحصور في مجموعة القوالين من الرجال فقط دون النساء، مما يدلل على أن حصر السلطة والمراكز الدينية بقيت حكراً على الرجال.  
       علماً أن اعراف المجتمع الأيزيدي أباحت للرجل الأيزيدي أن يتزوج بأربع نساء مع ان الشريعة اعتبرت الزواج باكثر من واحدة مكروها، ويستعمل الأيزيدية الطلاق ويحق للرجل أن يستعيد علاقته الزوجية بالمرأة أذا وافقت الزوجة .  
       ومن التقاليد والأعراف التي املتها الظروف على الأيزيدية أن يتخذ كل أيزيدي له أختاً أو أخاً من رجال الدين يدعى الأخت الأبدية أو الأخ الأبدي، وعلى الأخت الأبدية أن تفتح رقبة القميص الذي يريد الأيزيدي أن يلبسه، أذ يلبس الأيزيدي أو الأيزيدية الثوب بفتحة مدورة مما يوجب توسيعها من قبل الأخت الأبدية قبل أن يلبسها، وقد بدأت الأجيال الجديدة لاتلتزم بهذا التقليد الأيزيدي في التمسك من كون الرقبة مدورة فلبست مايشابه الناس لايميزهم عنه شيء آخر، ولايجوز قطعا الزواج من الأخت الأبدية. وأوجب العرف والتقاليد أن تكون الأخت الأبدية حاضرة عند تغسيل من اختارها عند وفاته وتقوم بقراءة الأدعية والصلوات عليه أثناء عملية الغسل.                              
       وتعتمد المرأة الأيزيدية على الألوان الزاهية في المناسبات الدينية والأفراح حالها كحال بقية الشعب الكردي المحب للألوان الزاهية، بينما ترتدي الملابس البيضاء وتعتمر بعمامة بيضاء كرمز لملابس أهل الجنة في الأيام العادية، وتمتاز ملابس المرأة الأيزيدية بالبساطة والتواضع وبالأضافة الى تميزها الظاهر في عمليات الزراعة والحصاد وأدارة شؤون البيت وجني المحصول وعمليات الخزن ومايتبعها من أمور تخص مؤونة البيت الأيزيدي، بالأضافة الى رعاية الحيوانات وتربية الدجاج وصناعة الزيتون والخمور والمخللات، فأن المرأة الأيزيدية حاضرة في الأحتفالات والمناسبات الدينية، فهي محبة للرقص بشكل جماعي مع الرجال، والرقص بالأضافة الى كونه عادة محببة للنفس الأيزيدية النازعة نحو الفرح والمحبة والخير، فأنها مناسبة للتعبير عن نسبية تحرر المجتمع الأيزيدي في الأختلاط وتمكين الناس من الألتقاء ببعضها والتعارف فيما بينها، وتكون من المناسبات التي يتمكن فيها الشباب والشابات من التلاقي والتعارف والتقارب والأختيار.          ويوجد طبقات من الايزيدية من تحصر الزواج فيما بينها ودون ان تسمح لها بالزواج من طبقة اخرى وهي البيرانية والشمسانية والقاتانية والادانية والمريد وهذه المجاميع الاجتماعية – الدينية تشكل في الحقيقة بالاضافة الى مجموعة المريدين عشيرة من العشائر الايزيدية ( انظر الدكتور خليل جندي – نحو معرفة حقيقة الديانة الايزيدية – السويد 98            ) 
        ويذكر الباحث الدكتور خليل جندي عن اسماء النساء الايزيديات كونها يغلب عليها اسماء الظواهر الطبيعيـــة مثل ( كولي ) وتعني الوردة و( نركز ) وتعني النرجس و( هينار ) وتعني الرمان، وكذلك أسماء فصول السنة مثل به هار وكولان اي ايار وشه مسو وتعني الشمس.          
     وللطبيعة تأثير واضح لدى الأيزيدية عموماً والمرأة منهم بوجه خاص فتتفاعل المرأة الأيزيدية في التحضير للأعياد الدينية المتعلقة بالطبيعة، كما في أعياد الربيع ( سه رصال ) فتقوم بسلق البيض وتلوينه وتوزيعه على الأطفال، ووضع ورد شقائق النعمان فوق أبواب البيوت، كما تضع كمشة من الأعشاب البرية المثبتة في كتلة من الطين مع الورد، وتكون قد استعدت لهذا العيد بعمل المعجنات والطبخ وأستقبال الضيوف، بالأضافـــــة الى تميزها بعمل نوع من انواع الخبز ( صه وك ) وهو عبارة عن قرص من الخبز الثخين المطلي بالزبد او الدهن يتم توزيعه على الناس في المقابر قرباناً لأرواح الموتى.  
وأسوة بما يسري على الرجال فقد شمل المرأة في الزمن القديم من تحريم القراءة والكتابة ومنع التعليم، غير أن في هذا الزمان أقبلت المرأة الأيزيدية على التعليم وتبوأت منهن المراكز العلمية والثقافية المرموقة بعد ان حصلن على الشهادات في المجالات التخصصية، وأن كان هناك تقصير في عدم أبراز الجانب الأبداعي للمرأة الأيزيدية وحصر وأحتكار الأمر على الرجال من قبل الأيزيدية أنفسهم الذي ارى انهم لم يتخلصوا من موروثهم الأجتماعي القديم والألتزام بالتقاليد والأعراف القديمة.              
         ومما يجدر ذكره أن من بين حسنات الديانة الأيزيدية تحريم التفكير بأي عمل مشين تجاه النساء الأيزيديات أو غير الأيزيديات من باقي الأديان والملل، ولهذا فقد عاشت العشائر المسلمة والمسيحية بينهم دون أن يسجل التاريخ أن الأيزيدية أساءوا الى النساء في تلك المناطق، لابل يأمن غير الأيزيدي على نساءه بحضور وحراسة الأيزيدي في الكثير من الأحيان، وبالتأكيد يتاثر المجتمع الأيزيدي بما يحكمه من اعراف وتقاليد في نبذ المرأة التي تشذ عن طريقهم ويلجأون الى قتلها غسلاً للعار أذا ما وجدوا انها خرجت عن طريق الشرف الذي يتمسكون به أسوة ببقية العشائر والقبائل العربية والكردية والتركمانية والأشورية والكلدانية في العراق، وتملي أعراف الكرافة على الأيزيدي ( وهي من اعراف الأخوة بين الأيزيدي وبين المسلم أو بين الأيزيدية انفسهم ) أن يعتبر الرجال والنساء من عائلة كريفه محرمة عليه لحد الدرجة الخامسة، ويملي الواجب الأجتماعي عليه الدفاع عن شرف عائلة الكريف حتى لو كانت هذه العائلة من غير الأيزيدية.  
وتحكم الأيزيدية عادات وتقاليد وأعراف تحكم أمور الزواج والخطبة، البعض منها مكتسب من خلال الأعراف والتقاليد التي تؤمن بها المنطقة التي يكونون جزء منها، بالنظر للتمازج الأجتماعي بين الناس ضمن منطقة واحدة.         
        فلم تزل المجتمعات الأيزيدية لحد الان تتمسك بقضية الثأر بالرغم من عزوف المجمتع المدني عنها، كما تنتشر بعض العادات والأعراف البالية التي لم تزل منتشرة بين أوساط القرى الفقيرة والمتخلفة من أماكن سكن الأيزيدية.             
        ومن المسائل الصارمة التي يتمسك بها الأيزيدية مع المرأة أن يتم تحريم زواج الايزيدي من المرأة غير الأيزيدية، كما يتم تحريم زواج المرأة الأيزيدية من غير الأيزيدي، وأذا حدث هذا الأمر فأن الأيزيدي أو الأيزيدية يخرجوا من الملة ولاعودة لهم الى الديانة الأيزيدية حتى لو أنفصم الزواج وأنفرط عقد العلاقة بين الرجل والمرأة.        
        كما يتم تحريم زواج المرأة الأيزيدية من طبقة العوام مع الطبقات الروحية التي ذكرناها، بل يصل الأمر الى تحريم زواج المرأة الأيزيدية ضمن صفوف الطبقات الروحية نفسها، وفي هذا الأمر تحديد لحرية المرأة وأمكانية تزاوجها دون قيود أو شروط السبب الذي جعل العديد من النساء الأيزيديات دون زواج ويفوتهن قطار العمر ويبقين عانسات بسبب قساوة التعليمات الدينية.  
      فالديانة الأيزيدية ديانة غير تبشيرية وهي من الديانات الطاردة والمنغلقة من ناحية قبول المؤمنين بها، فلايمكن أن يكون أيزيدي الا من ولد على هذا الدين من ابوين أيزيدين. وكذلك لايمكن قبول أنتماء من يريد أن يترك ديانته ويصير أيزيدياً، ونفس الشيء ينطبق على من لادين له لأن من شروط الأيزيدية ان يكون الأيزيدي من ابوين أيزيديين.  
        كما أن الأمر الذي بقي دون حل ويعاني منه الشباب والشابات الأيزيدية وخاصة من هاجر منهم بسبب الأوضاع السياسية أو الأقتصادية في العراق الى دول أوربا أو بسبب المتابعة الدراسية، كونهم يبقون دون زواج بالرغم من أستمرار حياتهم وعملهم ودراستهم في أوربا بعيدين عن اهلهم ووطنهم مع صعوبة توفر زوجة أيزيدية في اوربا، على أن لايغيب عن بالنا عدم تقبل الديانة الأيزيدية لدخول أي شخص من الأديان الأخرى الى الديانة الأيزيدية ولأي سبب كان.  
ومن الأمور التي يتحدد بها الأيزيدي شرعاً تحريم الزواج بأخت الزوجة بعد وفاة الزوجة أو طلاقها وكذلك زوجة الأخ بعد موته، كما في زوجة أبن العم بعد وفاته .  
      ومن الأعراف التي بقي الأيزيدية يمارسونها ويحرصون على التمسك بها، عمليات خطف الفتيات قبل الزواج، فقد اعتبر الخطف عادة عشائرية تدل على الشجاعة والفروسية، وبالنظر لممارستها من قبل الأيزيدية فقد عانت المرأة من المصاعب والقسوة والنتائج الوخيمة التي لاتحفظ للمرأة مكانتها وقيمتها الأجتماعية وتعرضها للأضطهاد والأساءة، وبالنظر لتعارض الأمر مع القوانين الجزائية المعمول بها في العراق، ولمعرفة الأيزيدية من الأجيال الجديدة الحالية بضرورة نبذ العادات والأعراف والتقاليد التي تكون نتائجها سيئة فقد عزف عنها أكثر الأيزيدية أن لم يتم تركها بشكل تام في جميع مناطق الأيزيدية.  
       وللمرأة الأيزيدية دور مهم في أدارة شؤون البيت الأيزيدي، وفي تعليم الأولاد على أتباع ديانتهم وتمسكهم بعقيدتهم وممارسة طقوسهم وأعيادهم ومناسباتهم الدينية، هذا بالأضافة الى مساهمتها في عملية الأنتاج الصناعي والزراعي رغم المعاناة التي عانتها الديانة الأيزيدية ورغم مالقته من أضطهاد وحروب فتاكة وعدم استقرار الا أن المرأة الأيزيدية بقيت متمسكة بدينها متحملة كل النتائج والصعاب في سبيل تربية وتعليم أولادها ومساعدة زوجها في بناء الأسرة الأيزيدية والتي على الأغلب ماتكون فقيرة كادحة.                         
       وتختلط الحكايات والقصص التي ترويها الأمهات والجدات للأولاد بين علاقة الانسان بالطبيعة وبين تمجيد أسماء المقاتلين الذين قضوا دفاعاً عن حياتهم وديانتهم أو دفاعاً عن الجماعة، خلال الحروب والهجمات الحربية التي تعرضت لها الأيزيدية في العصر الحديث، بالأضافة الى الأساطير الدينية التي تجعلهم يتمسكون بالأولياء والرموز المستعارة في حياتهم التراثية والشعبية.  
     كما لقصص الحب والاخلاص في العلاقات الانسانية والغرام نصيب بارز تتفنن فيه المراة كراوية من رواة هذه الاساطير، وتشكل هذه القصص جزء من تراث الأيزيدية بما يتداخل فيها من الأساطير الشعبية والقصص التي تحفظها النساء لتلقيها على مسامع الأطفال بشكل محبب، مما يتوجب على المرأة منهم تدوينة ومعالجته وفق منظور تراثي أنساني وجعله في متناول العامة.  
 
       وحالة المرأة وأن كانت قد اكتسبت مكانتها من خلال حضورها وتضحياتها الجسام الى جانب الرجل، فأن حالتها تحتاج الى مراجعة لما يصيبها من غبن فاحش في مهرها وحقوقها الشرعية، حيث لاترث الفتاة عن والدها او شقيقها يكون للرجل الولي الحق في التصرف بالمهر، كما أن ليس للمرأة التي يتوفى عنها زوجها أي حق في الميراث اذا تركت دار الزوجية وتحتفظ بالميراث اذا بقيت الأرملة في دار الزوجة.        
      ودخلت المرأة الأيزيدية معترك العمل السياسي وحملت السلاح دفاعاً عن مبادئها وأفكارها، وعارضت النهج الدكتاتوري لسلطة صدام وأستشهدت أعداد من النساء الأيزيديات في القتال ضد القوات الصدامية النظامية، أو قضن تحت التعذيب في سجون ومعتقلات السلطة البائدة، أو ممن تم تنفيذ حكم الأعدام بهن لأنتمائهن الى حركات سياسية وطنية تعارض النظام البائد.               
        ويمكن أن يشكل الحزن عند النساء الأيزيديات سمة من سمات حياتها، بالرغم من كونها تشكل نسبة لاتتوازى مع محبتها وعشقها للفرح والأعياد والأنطلاق في المناسبات والأعياد الدينية، بالنظر لشعورها بالحرمان من الفرح طيلة حياتها القاسية والصعبة، ولهذا فأنها تقيم المناحات حزناً على المتوفين من اهلها وتقام مجالس العزاء في بيتها حيث تقيم مجلس العزاء للنساء منفصلاً عن مجلس عزاء الرجال، وتلتزم المرأة الأيزيدية بترك الزينة والثياب الملونة والكحل والعطر مدة أربعين يوماً بعد وفاة القريب تبعا لدرجة قرابته.

 
      وتشارك المرأة الرجل في زيارة قبور الأولياء المنتشرة في القرى الأيزيدية كمزار محمد رشان في بعشيقة وملك ميران وقبر الشيخ عدي بن مسافر في وادي لالش المقدس وغيرها من القبور والرموز الدينية وتلتزم بالتطهر والنظافة عند اجراء تلك الزيارات، وفي تقديم النذور والقرابين في هذه المزارات لوجه الله تعالى.  
       وأذ تختلف الديانة الأيزيدية في تحديد حق المرأة في الميراث عن بقية الأديان،الا انها تغبن الحق الذي قررته بقية الشرائع والأديان والملل، ولربما يكون الأمر مأخوذاً من خلال أمتداد أعراف الزمن القديم أذ كانت سيطرة الرجال وسطوتهم تفرض أن تكون حتى حقوق المرأة بأيديهم، ولهذا لم يجار الأيزيدية بقية الأديان في المواريث بالنسبة للنساء، وبالرغم من تطبيق نصوص الأحوال الشخصية عليهم فيما يخص المواريث الا أن شريعتهم تخالف ماتقرره أحكام المواريث في الأسلام.  
      بينما يعتبر الدين الاسلامي ان الزوجة ترث بالفرض حيث ان لها الثمن مع وجود الولد والربع مع عدم وجوده ولايرد عليها ابدا. كما ان الام ترث السدس مع الولد والثلث مع عدم وجوده اذا لم يكن لها حاجب وربما يرد عليها زائدا على الفرض كما اذا زادت الفريضة على السهام.  
        وقد لجأ اغلب الأيزيدية في الوقت الحاضر الى تسجيل عقود زواجهم في محاكم الأحوال الشخصية في العراق حيث أن المادة الثانية – الفقرة ( أ ) تجعل من محكمة الأحوال الشخصية الخاصة بالمسلمين هي المحكمة المختصة بقضاياهم، وفي هذا الأمر ليس وجهة نظر وأنما يشكل اجحاف كامل لحقوقهم الشرعية والانسانية، مما يوجب أن تكون لهم محاكم خاصة تأخذ بعين الأعتبار خصوصيتهم الدينية وتعليماتهم الروحانية وقيودهم ومحرماتهم طالما يضمن الدستور العراقي المرتقب لحقوقهم كمواطنين أسوة ببقية المواطنين، وهذه المهمة التي سيتم الألتفات اليها عند بدء التشريع استناداً للدستور في العراق الجديد، ويقول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم (( كلكم بنو أدم وأدم خلق من تراب )).  
       ومن الأعراف التي يتمسك بها الأيزيدية لحد الان عدم أجراء مراسيم الزفاف في ليلة الأربعاء بالأضافة الى عدم جواز أجراء الزواج في شهر نيسان الذي يعتبر مقدساً، كما من غير المستحب أن يتقرب الأيزيدي من زوجته في ليلة الأربعاء طيلة أيام السنة.  
ولم يذكر التاريخ الأيزيدي عن شخصية نسوية مثل ماسجلت صفحات التاريخ عن ( ميان خاتون ) عملت على ترسيخ دعائم سلطته وأمارته للمجتمع الأيزيدي. ، كما فصلنا سابقا  
      ولم يزل القانون العراقي يغبن حق المرأة الأيزيدية حيث لايوجد قانون للأحوال الشخصية ينظم علاقتها بالرجل الأيزيدي أو علاقتها الأسرية وينظم حقوقها، لأن الأيزيدية اليوم يحكمهم قانون الأحوال الشخصية الخاص بالمسلمين والذي لايتطابق مع ديانتهم ولامع تراثهم الديني ولامع واقعهم، مما يتطلب أن يتم أقرار قانون للأحوال الشخصية يخص الأيزيدية يتم تطبيقه في العراق كجزء من حقوقهم القومية والشرعية. التي أقرها الدستور اخيرا  
 
 


اهلا وسهلا بيكم في موقع الجراحية
 
نافذلا الشمس يا شنكال
 
نافذة الشمس يا شنكال


جبالها تشع كالياقوت.. ومروجها عاصمة للتوت
نافذة الشمس إلى الجبال والثلوج والمروج والسهول
نافذة الشمس إلى الناس الذين يزرعون الخير والصفاء
مدينة سلطانها الحب وشعبها السلام والطيبة والنقاء
أبناؤها عائلة تجيد حب الله تجيد كره الظلم والدماء
ميّزها التسامح النبيل والإخلاص والعطاء
منذ مجيء الخير والشر إلى الدنيا عادلة الميزان
تنحاز للحق وللصدق وللإحسان
هي واحة الأمان وزهرة الوديان
وتوحّد الإنسان بالإنسان..
حتى غدت شنكال أنموذج الحب على مدى الزمان
.. شنكال.. لأنك عفيفة الوجدان
غنية التاريخ والأرض.. شهية الأغصان
أثرتِ شهوة اللصوص والقرصان
فحاولوا.. كم حاولوا وحاولوا أن يجعلوك ساحة للنار
ويحطمون الجبل الراسخ و ـ لالش ـ المزار
لكنهم لم يفلحوا فلم يزل تينك رغم النار يا سنجار
شنكال يا عرين.. شنكال يا أميرة عالية الجبين
ما زلت درعاً تقهر الطغاة والغازين
.. واليوم يا حمامة العراق.. اليوم يا عاشقة الأبيض يا بيضاء
عاد لكِ الأعداء.. عادوا كما يعود الداء والوباء
بالنار.. بالديناميت ينسفون بيتك السعيد
بالغدر.. بالفتنة.. يرهبون شعبك العنيد
ويسرقون فرحة الأطفال يوم العيد
ليشردوا النساء والشيوخ والشباب
ليقطعوا الجذور ليفرّقوا الأحباب
شنكال.. يا صابرة على عصور القهر والعذاب
لا تسمحي لمخلب المغول أن يدنس الأبواب
لأنك المشاعل لأنك السنابل لأنك الجبال والهضاب
فإنك أبقى وأقوى من يد الإرهاب
وهل يموت الحب والجمال.. يا جميلتي شنكال؟
وهل تموت الشمس والنجمة والهلال؟
محال يا شنكال..
كريم العراقي
 
البارحة بالحلم
حبيبي باحضاني
بوسني من وجنتي
وطفاني نيراني
كتله اقترب عوضلي حرماني
اموت حسرة وقهر لو لحظة تنساني
وارضى اعيش ب سجن لو انت سجاني
يا عمي هذا حلو للموت وداني
هو الي حرق مهجتي
وهو الي داواني
شفى فستق حلب ودلع صبياني
وصحيت من نومتي وانت بوطن ثاني
كلمات الشاعر العراقي الكبير كريم العراق
من انا
 
انا نشات خلات احد ابناء قرية الجراحية خريج السادس العلمي
وساكن حاليا في مدينة اولدنبورك الالمانية وعمري 21 سنة ---
 
عدد الزائرين 3956 Besucherhier!
اتمنى ان ينال اعابكم Diese Webseite wurde kostenlos mit Homepage-Baukasten.de erstellt. Willst du auch eine eigene Webseite?
Gratis anmelden